بعيدا عن المسؤولية الفنية لطاقم التدريب، فإن الكثير من الفنيين لم يترددوا في تعليق جزء كبير من الخسارة على مشجب اللاعبين في هزيمة أول أمس التي كانت مدوية وغير منتظرة
“الخضر”
تماما، رغم أن رفقاء عنتر يحيى ألفوا في السنوات الأخيرة إخفاء هذا النوع من المفاجآت غير السارة لعشاق “الخضر”. وقد ظهر العديد من اللاعبين فاقدين لكل توازن، مع إفلاس على كافة المستويات، خاصة بالنسبة لبعض العناصر التي أثبتت أن الجماهير الجزائرية تريد منها أكثر مما تملك وتريد تحميلها ما لا طاقة لها به، فالأمر يتعلق بلاعبين عاديين يعاملون بطريقة خاطئة حسب بعض المحللين.
حراس شخصيون و”نينجا” لحمايتهم ومعاملة لا يحظى بها إلا الرؤساء
ويعرف الكل أن لاعبي المنتخب الجزائري يحظون بمعاملة في الجزائر وخلال التربصات لا يحظى بها إلا الرؤساء والملوك، من خلال تواجد حراس شخصيين إلى جانبهم لحمايتهم حتى عند الإدلاء بتصريحات، وحتى “النينجا” ترافقهم كما شاهدنا في عنابة. فالاقتراب منهم ممنوع منعا باتا، والوصول إليهم شبه مستحيل ليس على المناصر البسيط وإنما حتى للإعلاميين، وهي معاملة لا يجدها هؤلاء إلا في الجزائر، رغم أنهم مجرد لاعبين عاديين في فرقهم، بعضهم ليسوا أساسيين وآخرون لم يعد لهم المستوى للعب في أقوى البطولات الأوربية، بدليل تهافت النوادي الخليجية عليهم.
لاعبون عاديون ليسوا ميسي ولا حتى بن زيمة ولا أحد يعرفهم في مطار “شارل ديڤول”
موازاة مع الاحتفالات الشعبية التي تقام للاعبين منذ وصولهم إلى المطار، وفي كل خطوة يخطونها في البلاد فإنهم بالمقابل لا يعرفهم أحد في مطار “شارل ديڤول” في فرنسا رغم أن ولدوا فيها. ليس لأن الفرنسيين لا يعرفون الكرة أو لا يتابعونها، بل لأنهم لأن هؤلاء ليسوا “ميسي” ولا رونالدو ولا حتى بن زيمة، ولا يملكون القدرات الخارقة التي على أساسها يحظون بهذا التعظيم. وحتى التأهل إلى كأس العالم وهو إنجاز بطولي من دون شك لكن وجب – حسب الفنيين – أن لا نتوقف عنده مستدلين على ذلك بمقولة: “من لم يتجدد يتبدد”.
قدموا لنا الفرحة، أخذوا المقابل ومن غير اللائق تواصل المجاملات
وفعلا لا ينكر إلا جاحد ما قدمه هؤلاء اللاعبون للمنتخب، والفرحة التي زرعوها في كل المدن الجزائرية خلال تصفيات كأس العالم 2010، لكنهم أخذوا المقابل المادي نظير ذلك. ناهيك عن ذلك استفادوا من امتيازات أخرى كعقود الإشهار، حيث لا زالت تتسابق عليهم الشركات الوطنية، فوقع أغلبهم عقودا لا تزال مستمرة يحصلون بموجبها على فؤائد وريوع. وحتى كأس العالم لعبت منذ عام وكان لا بد للمنتخب أن يعيش مرحلة أخرى، فهو في منافسة جديدة وهي “الكان” و”المونديال” انتهى، و لم يكن من اللائق – يقول الفنيون الذين تكلمت إليهم الهداف– أن تتواصل المجاملات بالاحتفاظ ببعض العناصر فقط لأن دورها كان كبيرا في سنة 2009.
حتى الأنصار ساهموا في التعظيم، وسعر التذكرة في عنابة يحتاج إلى وقفة
ولا يختلف كثيرون أن حتى الأنصار ساهموا في هذا التعظيم، من خلال تهافتهم على اللاعبين والمكانة التي صنعوها لهم، حتى مع الهزائم الثقيلة التي حصلت كانوا سرعان ما يجدون المبرر، والدليل على هذا أن المنتخب الوطني بعد تعادله أمام تنزانيا في البليدة وخسارته في بانڤي على يد إفريقيا الوسطى، اشترى أنصار تذاكر لقاء المغرب في عنابة مقابل 5000 دينار وهو سعر يفوق الخيال، في وقت أنه إن سجلت تلك النتائج في أوربا لعوقب المنتخب بطريقة حضارية بغياب أنصاره عن تشجيعه، لكن التهافت استمر موازاة مع تعظيم اللاعبين والتدافع عليهم في كل مكان.
هزائم مالاوي، مصر وصربيا تدفع للتساؤل: هل مبارتا كوت ديفوار وانجلترا استثناء؟”
وبالعودة إلى النتائج التي حققها المنتخب الوطني منذ تأهله إلى كأس العالم، يستغرب أي ملاحظ أجنبي للهزائم الثقيلة التي مني بها، فهزيمة 3- 0 أمام مالاوي و 4- 0 أمام مصر و3-0 أمام صربيا وخسارة إفريقيا الوسطى (حقق على حسابنا أول فوز في تاريخه) ثم ما حصل أمام المغرب، كلها تدفع إلى التساؤل إن كنت هذه النتائج هي القاعدة، مقابل وجود مباريات كتلك التي لعبها “الخضر” أمام كوت ديفوار وانجلترا بمثابة استثناءات فقط، مادام أن رفقاء بوڤرة لم يحققوا منذ 18 نوفمبر 2009 إلى اليوم سوى 3 انتصارات بـ 3 ضربات ثابتة أمام مالي، الإمارات والمغرب (إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن لقاء كوت ديفوار في وقته الأصلي انتهى بـ 2- 2).
الانهيار ذاته مع مدربين مختلفين المشكل قد لا يحله حتى مدرب عالمي!
والغريب في الأمر أن الانهيار والخسارة بنتائج ثقيلة سيناريو حصل في وقت المدرب سعدان واستمر مع بن شيخة، مع أن المدربين من جيلين مختلفين وبنظرة مغايرة، ما يعني أن تغيير المدربين وحده قد لا يكفي. وحتى المدرب العالمي الذي يطالب به البعض لن يمتلك العصا السحرية، مادام أن الحل يكمن في استبدال العديد من العناصر، وتجديد الدماء للانطلاق أقوى. وهذا لن يحصل إلا بالتعامل مع اللاعبين – مثلما يرى من تكلمت إليهم الهداف– كقيم فنية بالنسبة لكل واحد، وليس كأسماء وانجازات سابقة.